الأربعاء، 11 يناير 2012

ناشدتك الله عد لي وابتسم

سئلت عن حقيقة أمرك وهل لك لذة حقا؟ لم أجد لهذا الجواب إلا بضع كلمات من ذكرى...
***  ***

 البسمة في عينيك، ألطف ما رأيت.. ناشدتك الله لي ابتسم.

يا أيها الطيب أين أنت مني، هل آذيتك بصمتي، أم أني عاجلت بالخصام معك لخصامي فيك.

ما الذي حدث، كيف تعود إلي..؟

اشتقت إلى نار مدفأتك وأنا متدثر بصقيع ذنبي، اشتقت إلى لمستك الحانية التي كنت بها تنتزع  مني هموم النهار وتطرد وحشة الليل.

أريدك كالأيام الخوالي تقتحم أحلامي وخيالي، وتتقمص جوارحي وأنفاسي، حتى أعلم أنك أنا وأنت واحد متداخل لا بينونة بيننا ولا خلال، ولكن واحد واحد، أذوب فيك وأملي أن أكون حيث تكون.  

أين أنت من فؤادي المفجوع بما آثرته جوارحي من بعدك، أين أنت من أسى أمطرته غيوم قهقهات المتألهين بالدنس، لن أكذب لو قلت لك أن مشاعر الغضب في عروقي تقول إنك لن تعود.. فهل ستعود؟.

أخبرت عنك ايها الطيب أنك لا تفارق محب، وأنك لا تهجر مجد، وهذا ما يخيفني، أني محب ولكن هيهات مني الجد وهيهات..!

حاصرني جلال جمالك فيما مضى وأسكرتني الخلوة بك حتى رأيت العالم صغيرا لا يسع عالمك، أدركت لذة قربك فتضاءلت ما دونها كل لذة في الدنيا.

سمعت صوت هدوئك وعلا على كل صخب الدنيا، وقذف في قلبي المفتون كل معان العشق والهوى. وها هو اليوم أرداني بهجري فما لي من طاقة بعد بعدك. إرجع مرة أخرى، ليلة واحدة، لحظة واحدة، لعلي أدفن فيها كل ما تبقى من جيفة الجسد.

كنت حرا بك، وكان الموت والحياة وجهان من وجهك، أما آن للعبد أن يعتق، وأن يكون موته قيامة لا عدما، وحياته أملا متصلا لا سديما متراكبا.. بالله عليك يا أيها الإيمان عد وابتسم.
شفيق شقير/ابوالحسن

الأحد، 8 يناير 2012

زمن منفي من التاريخ.. قبل الثورة وبعضا مما بعدها

زمن منفي من التاريخ، يتدلى الصمت حول مآقيه، يحجب عبرات العين، يكتم نشيج الصوت.

أخرجه الغطاسون صيادوا اللآلئ خطأ من غيابات البحر.

مدحه الشعراء بكلمات بعد أن استهلك الجمال كلماتهم، وكأن الكلمات ستخلق من طينه المجبول بسواد الظلام كهيئة القصيدة، أو لعلها تنفخ فيه روح معلقات العرب بعد أن سكنته روح "من ما قبل ومن ما وراء العرب".

لما افتقرت الصحراء للشجر اليابس في الشتاء، استدفأت بنار أوهامه تحت شجرة النخيل.

واحتمت بخيوطه البلهاء يمن سبأ لما عجزت عن بناء  سد يستدر ماء الحياة من السماء ويقيها سيل الموت في الأرض.

ولما تكسرت قنا الشام ورقدت سيوفها كليلة عليلة، تسلحت بقرع قعقعاته وهي تلامس جدران الهواء وخيالات الكهف.

ولما غابت النجوم والشمس والقمر، وأصبحت الأرض صعيدا واحدا لا شمال فيها ولا جنوب، حملته مصر على أكف شبابها وهي تعزف ألحان التيه، ألحان وأد الطبول وإيقاظ حفار القبور.

وقد استمزج المغرب غروب الشمس وراء بحره الأعمى، فجرى يسابقها في المغيب وهو يتمتم: "لا يهم ما في الغيب بعد المغيب".

ولا زالت بلاد السوادان في حداد أسود يناجي هذا "الزمن الأبيض" الذي استل لونه من برودة الموت وعظام الموتى.

إنه زمن منفي من التاريخ، ولكن هناك من يفنى يوما بعد يوم ليكون جزء من تاريخه، كالفراشة التي تستظل بالنار وهي بها تحترق.

هو زمن منفي من التاريخ، يسمع قرع نعال أهله وهم ينفضون عنه، وقد تدثروا بكفن أبيض وتعلو جبينهم قبضات حمراء، تنتفض لتصنع تاريخها.
Chafic Choucair